قارن بين العلوم الإنسانية والعلوم المعيارية
طرح المشكلة :
احتمال وجود تشابه بين طرفين مختلفين:
إذا كان العلم هو منظومة من المعرف التي يعتمد تحصيلها على المنهج العملي دون سواه ؛ فإنه أنواع وأصنافه ، ولعل أبرز أصنافه نجد العلوم الإنسانية والمعيارية ، فما أوجه الاختلاف بينهما ؟
محاولة حل المشكلة :
أوجه الاختلاف :
للوهلة الأولى يظهر الاختلاف جليا بين العلوم الإنسانية ، والعلوم المعيارية (من حيث الاهتمام) ؛ حيث تهتم العلوم الإنسانية بالإنسان من حيث كونه ظاهرة معنوية ، أو كما يقول (جميل صليبا) : " العلوم الإنسانية : يطلق هذا الاصطلاح على العلوم المسماة معنوية ، وهي التي تبحث في أحول الناس ، وسلوكهم أفرادا كانوا أو جماعات " ، ومن هنا كانت العلوم الإنسانية علوما تدرس الفرد البشري من حيث كونه كائن يتألم ويأمل ،يتكلم ويرغب ، يهوى ويكره ، يفرح ويحزن وهو السلوك الذي نجده من اهتمامات "علم النفس" ، كما انه فرد لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن المجتمع ، أو كما يقول الفيلسوف اليوناني (أرسطو) : " الإنسان مدني بالطبع " ، وهو في هذا المجتمع يؤثر ويتأثر فيصدر سلوكات من اهتمامات "علم الاجتماع" ، كما انه يترك وراءه حوادث من مهمة "علم التاريخ"في استرجاعها ، واعتبارا لهذا أكد الدارسون والمختصون آن هذه العلوم تهتم بما هو واقع ، وما هو كائن ، إذ تدرس الوضع النفسي ، التاريخي ، والوضع الاجتماعي بينما العلوم المعيارية فسميت كذلك لأنها تحدد معايير السلوكات ، والأعمال ، وتهتم بالقيم قال (جميل صليبا) : " إن العلوم المعيارية هي العلوم المؤلفة من أحكام إنشائية ، أي أحكام قيم أو تقويم خاضعة للنقد " واعتبارا لذلك ارتبطت بما ينبغي أن يكون وهو الأمر الذي جعل أصحاب الاختصاص يقولون : " أنها تحمل الأماني " والأماني ليست حالية بل هي مستقبلية واضرب مثلا على ذلك : "علم المنطق" الذي معياره الحق ، إذ يبحث فيما ينبغي أن يكون عليه التفكير السليم ، و"علم الأخلاق" معياره الخير والشر محدد لقواعد السلوك البشري ، و"علم الجمال" معياره الحسن والقبح ، واضعا المعايير التي تجعل العمل الفني مقبولا ،وفي إطار هذا العلم الأخير يقول (جون ديوي) : " علم الجمال : هو التذوق للعلم الفني " ، وهكذا نقول باختصار : " إذا كانت العلوم الانسانية تهتم بما هو كائن ، فإن العلوم المعيارية تهتم بما ينبغي ان يكون " .
أوجه التشابه :
إن هذا الاختلاف الحاصل بينهما لا يمنع من وجود تشابه ولو بقليل بينهما ، خاصة إذا قلنا آن هذين العلمين من منظومات المعارف الإنسانية ، إذ أنهما من حقول المعرفة التي يجد فيهما الإنسان فضوله المعرفي المتكون كواحد من أهداف الحياة الفكرية ، ومن هذا كانا تفكيرين بشريين هادفين ، خاصة على مستوى دراسة السلوك الفردي والجماعي بجميع أنواعه وفوق ذلك كله نقول نوعان من المعارف البشرية نوعان من العلوم، التي وجدت على مستوى سطح تاريخ العلم .
طبيعة العلاقة بينهما :
إن المنظومة العلمية منظومة متناسقة مترابطة ، إذ أن كل علم يحتاج إلى آخر ولو على طريق طويل ، ومن أجزاء هذه المنظومة نجد هذين العلمين ، فقد تحتاج العلوم الإنسانية لمجموعة القيم التي تعدل سلوك الانسان على مختلف المستويات نفسيا واجتماعيا ، في حين تحتاج العلوم المعيارية إلى خبرة بالسلوك الإنساني الفردي والجماعي الذي لن تجده غلا عند العلوم الإنسانية.
إذن تبعا لذلك تكون العلاقة علاقة تكامل